كتاب كيف نفهم التوحيد

مغالطات القبوريين:
فقال: لقد قسوت على هؤلاء الناس إذ وصفتهم بالشرك وجعلت إيمانهم بالله وتوحيدهم له أقل من إيمان وتوحيد المشركين الأولين، مع العلم أن هؤلاء القبوريين (كما تصفهم) عندما هتفوا باسم ابن عيسى واستغاثوا به في تلك الساعة الحرجة، لم يفعلوا ذلك لعدم ثقتهم بالله، ولم يفعلوه اعتقادا منهم أن ابن عيسى وغيره ممن يُدعون، هم الذين يسيرونهم في البر والبحر، أو أنهم معهم يسمعون ويجيبون نداءهم كما يجيبه الله سبحانه وتعالى.
وإنما يفعلون ذلك لاعتقادهم أن الله سبحانه وتعالى سينجيهم ببركة توسلهم بهؤلاء الأولياء، فهم ما لجأوا إليهم وهتفوا بأسمائهم في تلك اللحظة الخطيرة، إلا لاعتقادهم أن لهؤلاء جاها عند الله لابد وأن ينجيهم إكراما لأوليائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
قلت له: هذه مغالطة قديمة مكررة، لا يمكن أن تجوز على عاقل يحترم نفسمه لعدة وجوه.
- منها أن هؤلاء القبوريين لو لم يعتقدوا أن هؤلاء الأولياء من الأموات هم معهم في السراء والضراء يسمعون استغاثتهم ويجيبون دعاءهم، وأن في يدهم القدرة على إنقاذهم، لما ابتهلوا إليهم هكذا، واستنجدوا بهم في ضراعة وتذلل، استنجاد العاجز الضعيف بالقوي القادر على كل شيء، ولما نذروا لهم هذه النذور، وتعهدوا بتقديم القرابين لهم، إن هم أعانوهم على النجاة من الغرق، بل ولما وفوا هم بهذا النذر (رغبة ورهبة) .
وهل يقدم عاقل على الهتاف والاستغاثة والاستنجاد بمن يعلم أنه لا يسمعه ولا يجيبه، ولا يضره ولا ينفعه؟

الصفحة 23