كتاب كيف نفهم التوحيد

مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} 1.
كما أنكر عليهم في آية يونس السابقة دعاءهم غ! هـ هـ واتخاذهم وسائط
تشفع لهم عنده، وجعل ذلك شركاً به وعبادة لغيره حين قال: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} 2. ثم أنكر عليهم مبطلا دعواهم ورادا حجتهم هذه- حجة التشفع والتوسل- في تقريع وتوبيخ بقوله: {قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون} 3.
أي أنه سبحانه وتعالى ليس بحاجة إلى أن يتقدم إليه أحد في هذه الدنيا بوسيط أو شفيع لأنه لا يخفى عليه شيء من حال عباده حتى يتقدموا إليه بالشفعاء والوسطاء ليخبروه بما خفي عليه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وقال تعالى منكرا عليهم التوسط بمن يظنون بهم خيرا من الصالحين وموضحا أن هؤلاء الذين يدعونهم من دونه هم عباد أمثالهم لا يملكون لأنفسهم جلب نفع أو دفع ضر، فضلا عن أن يكشفوا عنهم ضراً أو يحولوا عنهم سوءاً، بل إنهم (مع قربهم منه جل وعلا) يتقربون إليه بالخوف منه والرجاء في رحمته، {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ – وفي قراءة:
__________
1 الحج: (73-74)
2 يونس: (18)
3 يونس: (18)

الصفحة 30