كتاب كيف نفهم التوحيد

في النار، وصنيع هؤلاء توسلا مباحا يرضى الله عنه ولا يعاقب عليه، مع اتحاد الفريقين في العمل واتفاقهما في المقصد؟
فقال: الفرق من عدة وجوه:
أولا: أن أولئك المشركين كانوا يعبدون غير الله، وقد جاء اعترافهم بعبادة غير الله واضحة في قولهم (كما حكى عنهم) : {مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} .
أما المتوسلون اليوم بالأولياء فهم ينكرون عبادة غير الله، ويقولون أنهم لا يقصدون بدعاء الأولياء من الأموات والاستغاثة بهم، عبادتهم، وإنما يقصدون التبرك والتوسل، ومن هنا يجيء التمييز بينهم وبين المشركين في الحكم.
تبديل الألفاظ لا يغير من الحقيقة شيئاً:
فقلت له: إن الأفعال والمقاصد (كما قلت لك فيما مضى) هي التي يترتب عليها الحكم ولا قيمة للألفاظ التي يتشبث بها للدفاع عن تصرفه، خوفا من صدور الحكم عليه، مادام أن فعله هو العلة الموجبة للحكم الذي صدر ضده.
فلو أن إنساناً اعتاد السجود للصنم، وظل (مع إدمانه على هذا السجود) يعلن استنكاره لعبادة غير الله، ويصرح بأنه لم ولن يعبد غير الله، فهل يكون قوله هذا (مع فعله ذاك) مانعا من إدانته بالشرك والحكم عليه بالكفر؟؟
فقال صاحبي: لا ... بل هو كافر ومشرك.

الصفحة 33