كتاب كيف نفهم التوحيد

فقلت له: فهذا إذن ينطبق تماما على القبوريين اليوم، فتصرفاتهم قد أدانتهم بالشرك والكفر، ومع هذه الإدانة الصريحة، فهم ينكرون هذا ولا يعترفون به.
فالفرق بينهم وبين المشركين الأولين هو أن أولئك المشركين أكثر صراحة عندما اعترفوا بعبادتهم لغير الله، والمشركون من القبوريين أعرق في التمويه والمغالطة عندما أقدموا على عبادة غير الله ثم أنكروا هذه العبادة وسموها بغير اسمها.
فقال (محاولا المغالطة) : أنا قد قلت ولا أزال أقول لك إن فعل المشركين الأولين هو عبادة لغير الله، وبفعلهم هذا استحقوا اسم الشرك ووصف الكفر. وأفعال المتوسلين اليوم بالأولياء والمستغيثين بهم ليس عبادة لهما، ولهذا لا يصح الحكم عليهم بالكفر والشرك.
فقلت له: لقد أجهدتني بتكرار محاولاتك للتهرب من الاعتراف بالحقيقة التي ما كنت أعتقد أن عاقلا مثلك يماري في الاعتراف بها هكذا.
ولقد أوضحت لك (بما لا مزيد عليه من الشرح) حقيقة إيمان المشركين الأولين بوجود الله وتوحيدهم إياه جل وعلا (في الربوبية) توحيداً كاملا وبينت لك بكل وضوح، حقيقة الشرك الذي كانوا عليه والأسباب الموجبة لا لإدانتهم به والحكم به عليهم.
وشرحت لك بالتفصيل أن حكمنا على هؤلاء القبوريين بالشرك إنما جاء نتيجة للمقارنة بين فعلهم وفعل أولئك المشركين الأولين الذين أصدر

الصفحة 34