كتاب كيف نفهم التوحيد

واعتبارك توجيه المشركين هذه العبادة إلى أصنامهم وأوثانهم كفرا بالله وشركا به، وتوجه القبوريين بنفس هذه العبادة إلى أوليائهم من سكان الأضرحة، ليس عبادة ولا شركاً، هو غاية التعسف والحيدة المقصودة عن جادة الحق الصواب ومحاولة فاضحة لإنكار أمر واقعه كواقع الشمس والقمر.
فتمييزك هذا ليس له حجة دينية من القرآن أو الحديث تسنده وليس له برهان عقلي يعضده، وإنما هو قول أملاه منطق العناد والمكابرة الذي ما كنت أظن (بعد طول هذه المناقشة) أنك ستبقى أسيرا من أسراه وضحية من ضحاياه.
فقال: أنا لست أسيراً لعناد ولا ضحية لمكابرة، وإنما أنا مثلك لي حق التعبير عما أراه وأعتقده، وهذا هو الذي لا أزال أراه وأعتقده، وقد اتفقنا (في بدء المناقشة) على أن نكون صرحاء في المناقشة وأن نرفع عواطفنا جانبا، فأرجوك أن لا تنفعل وأن تترك لي حريتي في التعبير عن كل ما أراه، وإذا لم يرق لك الرأي الذي أرى فإن من حقك نقضه ورفضه بما ترى مما تعتقده حججاً وبراهين، على أن يكون ذلك من غير انفعال أو قسوة في التعبير، لأن ذلك له أثره الضار في المناقشة، مما لا يساعد على الوصول إلى الغاية المطلوبة التي يدور النقاش من أجلها.
فقلت له: أنا معك في أن الانفعال والقسوة في التعبير أثناء مناقشة ما لا يساعدان على الوصول إلى الغاية المطلوبة من المناقشة، وسأحاول جاهدا إنقاذك مما أعتقد أنه ضلال.

الصفحة 39