كتاب كيف نفهم التوحيد

فقلت له: اشرح لي هذا الإشكال وأنا إن شاء الله سأبين لك كل ما أشكل عليك في هذه الناحية.
فقال: تبين فيما أوردت من آيات وآثار أنك تريد إثبات أن المشركين الأولين ما كانوا يعبدون إلا الأولياء والصالحين، لكي تثبت عن طريق القياس أن القبوريين - كما تسميهم - يعبدون الأولياء والصالحين كذلك، ولكنه جاء فيما أوردت من آيات أن المشركين كانوا يعبدون الأصنام عبادة حقيقية لذاتها، ولو كانوا لا يعبدونها لذاتها وإنما يعبدون الأولياء والصالحين التي تحمل هذه الأصنام أسماءهم، لبين الله لنا ذلك ولاقتصر القرآن على توبيخ المشركين على عبادتهم الأولياء ماداموا لا يعبدون إلا هؤلاء الأولياء، ومادام أنهم (أي المشركون الأولون) لا يعتمدون على هذه الأصنام لتشفع لهم عند الله.
ولكن جل التحذيرات والتوبيخات التي جاءت في القرآن لهؤلاء المشركين حول هذا الموضوع إنما كانت مركزة على نهيهم عن عبادة الأصنام والأوثان والأنصاب.
{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} 1.
{إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} 2.
{وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} .
{فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} 3.
__________
1 الحج: (35)
2 العنكبوت: (17)
3 العنكبوت: (25)
4 الأعراف: (138)

الصفحة 46