كتاب التوهم في وصف أحوال الآخرة

ذلك على رسله وهم أكرم الخلائق عليه وأقربهم إليه، لأنهم الدعاة إلى الله عزَّ وجلَّ والحجة على عباده، وهم وأقرب الخلائق إلى الله عز وجل في الموقف وأكرمهم عليه، فيسألهم عمَّا أرسلهم به إلى عباده وماذا ردّوا عليهم من الجواب فقال لهم: {ماذا أجبتم} (¬1) فردوا عليه الجواب عن عقول ذاهلة غير ذاكرة فقالوا: {لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب} (¬2) فأعظم به من هول تبالغ من رسل الله عز وجل في قربهم منه وكرامتهم، حتى أذهل عقولهم، فلم يعلموا بماذا أجابتهم أممهم.
10*- عن أبي الحسن الدمشقي قال: قلت لأبي قرة الأسدي: كيف صبر قلوبهم على أهوال يوم القيامة؟ قال: إنهم إذا بُعثوا خُلقوا خلقةً يقوون عليها. قال أبو الحسن: قلت لإسحاق بن خلف: قول الله عز وجل للرسل: {ماذا أُجِبْتُم قالوا لا علم لنا} ، أليس قد علموا ما رُدّ عليهم في الدنيا؟ قال: من عِظَم هول السؤال حين يُسألون (¬3) طاشت عقولهم، فلم يدروا أي شيء أجيبوا في الدنيا، فهم صادقون حتى تجلَّى (¬4) عنهم بعد، فعرفوا ما أُجيبوا. قال: فحدثت به أبا سليمان فقال: صدق إسحاق، هم في ساعتهم تلك صادقون، حتى تجلَّى (¬5) عنهم فعرفوا ما أُجيبوا، فقال
¬_________
(¬1) المائدة /109.
(¬2) المائدة /109.
(¬3) هكذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في أصله [يسألوا] .
(¬4) هكذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في الأصل عنده [تجلا] .
(¬5) كسابقه.

الصفحة 19