كتاب التوهم في وصف أحوال الآخرة

قلبك من العلم) ـ فوثبتَ على (¬1) قدميك، ترتعد فرائصك وتضطرب جوارحك، متغيراً لونك فزعاً مرعوباً مرتكضاً قلبك في صدرك بالخفقان، فلمَّا عاينتك الملائكة الموكَّلون بأخذك قد حلَّ بك الاضطراب بالارتعاد (¬2) والمخافة علمت أنك أنت (¬3) المراد من العباد، فأهوت إليك بأيديها فقبضت عليك بعنفها ثم جذبتك إلى ربك عز وجل كما تجذب الدواب المنقادة، تتخطى (¬4) بك الصفوف محثوثاً إلى العرض على الله عزَّ وجلَّ والوقوف بين يديه، وقد رفع الخلائق إليك أبصارهم وأنت مجذوب إلى ربك عزَّ وجلَّ فيما بينهم.
فتوهم حين وقفت بالاضطراب والارتعاد يرعد قلبك، وتوهم مباشرة أيديهم على عضديك، وغلظ أكفِّهم حين أخذوك، فتوهم نفسك محثوثة في أيديهم، وتوهم تخطيك الصفوف، طائراً فؤادك مختلعاً قلبك، فتوهم نفسك في أيديهم كذلك حتى انتهوا بك إلى عرش الرحمن، فقذفوا بك من أيديهم، وناداك الله عزَّ وجلَّ بعظيم كلامه: ادن مني يا ابن آدم فغيَّبك في نوره، فوقفت بين يدي رب عظيم جليل كبير كريم بقلب خافق محزون، وجل
¬_________
(¬1) هكذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في أصله [فوق] .
(¬2) هكذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في أصله [بالاردعاد] .
(¬3) قال (أ) : في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
(¬4) هكذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في أصله [تتخطا] .

الصفحة 24