كتاب التوهم في وصف أحوال الآخرة

لا يخفى (¬1) عليه منك سرُّ ولا علانية، فاحذر نظره (¬2) بالمقت والبغضة والغضب والقلاء، وأنت لا تشعر فرحاً أو قرير العين.
فاحذر الله عز وجل وخفه واستح منه وأجلّه، ولا تستخف بنظره، ولا تتهاون باطلاعه، وأجل مقامه عليك، وعلمه بك، وافرقه واخشه قبل أن يأخذك بغتة، ولير أثر مصيبة مخالفتك له ليعلم ما قد بلغ منك خلافه، فيعظم حزنك ويشتد غمك بمخالفته، وليعلم أنه قد بلغ إليك خلافه، فإن علم ذلك منك صفح عنك وعفا عنك، فلا تتعرض لله عز وجل، فإنه لا طاقة لك بغضبه ولا قوة لعذابه، ولا صبر لك على عقابه، ولا صبر عندك عن جواره، فتدارك نفسك قبل لقائه، فكأنك بالموت قد نزل بك بغتة.
فتوهم ما وصفتُ لك، فإنما وصفت بعض الجمل، فتوهم ذلك بعقل فارغ موقن عارف بما قد جنيتَ على نفسك وما استوجبت بجنايتك، وفكر في مصيبتك في دينك، ولير الله عز وجل عليك أثر المصيبة لعله أن يرحمك فيتجاوز عنك لمغفرته وعفوه، إن كنت من أهل العفو والتجاوز.
فتوهم إن تفضل الله عز وجل عليك بالعفو
¬_________
(¬1) هكذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في أصله [يخفا] .
(¬2) قال (أ) : في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.

الصفحة 43