كتاب التوهم في وصف أحوال الآخرة

أبواب قصورك ورفعت ستوره، من حسن بهجة مقاصيره، وزينة أشجاره، وحسن رياضه، وتلألؤ صحنه، ونور ساحاته.
فبينا أنت تنظر إلى ذلك إذ بادرت البشرى من خدامك ينادون أزواجك: هذا فلان ابن فلان قد دخل باب قصره، فلما سمعن نداء البشراء بقدومك ودخولك توثبن من الفرش على الأسرة في الحجال، وعينك ناظرة إليهن في جوف الخيام والقباب، فنظرت إلى وثوبهن مستعجلات قد استخفهن الفرح والشوق إلى رؤيتك.
فتوهم تلك الأبدان الرخيمة الرعبوبة (¬1)
الخريدة الناعمة يتوثبن بالتهادي والتبختر. فتوهم كل واحدة منهن حين وثبت في حسن حللها وحليتها، بصباحة وجهها، وتثني بدنها بنعمته. فتوهم انحدارها مسرعة بكمال بدنها، نازلة عن سريرها إلى صحن قبتها وقرار خيمتها، فوثبن حتى أتين أبواب خيامهن وقبابهن، ثم أخذن بأيديهن عضائد أبواب خيامهن للقصر الذي ضرب عليهن إلى قدومك، فقمن آخذات بعضائد أبوابهن، ثم خرجن [برؤوسهن ووجوههن] (¬2) ينحدرن من أبواب قبابهن، متطلعات ينظرن إليك، مقبلات قد ملئن منك فرحاً وسروراً.
¬_________
(¬1) رَعَبَ الحوض يَرْعَبُه رَعْباً: ملأَه، ورعب السيل الوادي يَرْعَبُه: ملأَه.
وسَنامٌ رَعِيبٌ: أَي ممتلئ سَمِينٌ. والرَّعِيب ُ: الذي يقْطُر دَسَماً.
وجارية رُعْبوبة ورُعْبُوبٌ ورِعْبيب: قيل هي البيضاء الحسنة الرطبة الحلوة، وقيل: هي البيضاء فقط، وقال اللحياني: هي البيضاءُ الناعمة.

وقال ابن الأَعرابي: الرُّعْبُوبة: الطويلة. وقيل ناقة رُعْبوبة ورُعْبوب: خفيفة.
(¬2) هكذا صوب الكلمتين (أ) ، وكانت في الأصل عنده [بروسهن ووجوهن] .

الصفحة 53