كتاب التوهم في وصف أحوال الآخرة

لينة بنعيمه، وكاد أن ينسل من يديك للينه، [وكاد] (¬1) عقلك أن يزول فرحاً بما وصل إلى قلبك من طيب مسيس بنانها، ثم مددتَ يدك إلى جسمها الرخيم الناعم، فضمتك إلى نحرها، فانثنيت عليها بكفك وساعدك حتى وضعته على قلائدها من حلقها، ثم ضممتها إليك.
فتوهم نعيم بدنها لما ضمتك إليها، وكاد أن يداخل بدنك بدنها من لينه ونعيمه. فتوهم ما باشر صدرك من حسن نهودها ولذة معانقتها، ثم شممت طيب عوارضها فذهب قلبك من كل شيء سواها حتى غرق في السرور وامتلأ فرحاً لما وصل إلى روحك من طيب مسيسها ولذة روائح عوارضها.
فبينا أنت كذلك، إذ تمايعن عليك فانكببن عليك يلثمنك ويعانقنك، فملأن وجهك بأفواههن ملتثمات، وملأن صدرك بنهودهن، فأحدقن بك بحسن وجوههن، وغطين بدنك وجللنه بذوائبهن، واستجمعت في مشامك أراييح طيب عوارضهن.
فتوهم نفسك وهن عليك منكبات، بفيك ملتثمات متشممات، عليك متثنيات بنعيم أبدانهن، لهن استراحة عند ضمك إليهن لشدة العشق وطول الشوق إليك، متشبثات بجسمك، ومتنعمات بنسيم
¬_________
(¬1) كذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في الأصل عنده [كاد] .

الصفحة 55