كتاب التوهم في وصف أحوال الآخرة

الشوق إليك، وأزعجها العشق، فاستقبلتك بالترحيب والتبجيل، ثم عطفت عليك لمعانقتك.
29*- وكذلك روى أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن الحوراء تستقبل ولي الله فتصافحه " (¬1) .
فتوهم مجسة لين كفها بحسنها وخواتمها في كفك، وقد شخصتَ كالمبهوت تعجباً من حسن وجهها ونعيم جسمها وتلألؤ (¬2) النور من عوارضها، ثم وضعت كفها في كفك حتى أتيتما سريرك مضروبة عليه أريكتك، فارتقيتما جميعاً على أريكتك، وأسدلت عليك جلال حجلتك، وعانقت على فرشها زوجتك، فمضت بك الأزمنة الطويلة. ثم أقبلت الولدان (¬3) بالكاسات والأكواب، فاصطفت قبالتكما، ثم أدرتما الكأس فيما بينكما.
فبينا أنتما قد ملئتما فرحاً وسروراً إذ نادتك أخرى من قصر من قصورك: يا ولي الله أما لنا منك دولة؟ أما آن لك أن تشتاق إلينا؟ فأجبتها: ومن أنت بارك الله فيك؟ فرجعت إليك القول: أنا من اللواتي قال الله جل عز {ولدينا مزيد} (¬4) ، فتحولت إليها، وأنت تنتقل فيما بين أزواجك في قصورك وخدامك وولدانك، في غاية النعيم وكمال السرور، وقد زحزحت عنك كل آفة، وأزيل عنك كل نقص، وطهرت من
¬_________
(¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (8/362) ح8877 بلفظ: حدثنا مقدام ثنا أسد ثنا سعيد بن زربي حدثني ثابت بن البناني حدثني أنس بن مالك حدثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " حدثني جبريل عليه السلام قال: يدخل الرجل على الحوراء فتستقبله بالمعانقة والمصافحة ". قال ثابت: قال أنس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فبأي بنان تعاطيه لو أن بعض بنانها بدا لغلب ضوؤه الشمس والقمر ولو أن طاقة من شعرها بدت لملأت ما بين المشرق والمغرب من طيب ريحها فبينا هو متكئ معها على أريكته إذ أشرف عليه نور من فوقه فيظن أن الله عز وجل قد أشرف على خلقه فإذا حوراء تناديه يا ولي الله أما لنا فيك من دولة فيقول: ومن أنت يا هذه؟ فتقول: أنا من اللواتي قال الله تبارك وتعالى {ولدينا مزيد} فيتحول إليها فإذا عندها من الجمال والكمال ما ليس مع الأولى فبينا هو متكئ معها على أريكته إذ أشرف عليه نور من فوقه وإذا حوراء أخرى تناديه: يا ولي الله أما لنا فيك من دولة فيقول. ومن أنت يا هذه؟ فتقول: أنا من اللواتي قال الله عز وجل {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} فلا يزال يتحول من زوجة إلى زوجة.
وإسناده ضعيف جداً، ففيه مقدام، وهو مقدام بن داود الرعيني قال عنه النسائي: ليس بثقة. وقال ابن يونس وأبو حاتم: تكلموا فيه. وقال الذهبي في حديثٍ: والآفة منه.
وسعيد بن زربي قال عنه يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث منكر الحديث عنده عجائب من المناكير. وقال في التقريب: منكر الحديث. وضعفه أبو داود، وقال النسائي: ليس بثقة.
هذا. وأسد وهو أسد بن موسى الملقب أسد السنة نعته في التقريب بقوله: صدوق يغرب.

وقد أخرجه عن الطبراني في الأوسط الهيثمي في المجمع (10/418) ، والمنذري في الترغيب (4/297) .
(¬2) هكذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في أصله [وتلالى] .
(¬3) قال (أ) : في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
(¬4) ق / 35.

الصفحة 65