كتاب التوهم في وصف أحوال الآخرة

ونوره، واستحثوا السير شوقاً وحباً وفرحاً به.
فتوهم نجائبهم تطير في سيرها باعتدال موكبهم وإشراق وجوههم، والملائكة قد أحدقت بالنجائب تزفهم زفاً إلى ربهم، حتى انتهوا إلى صفحة عرش مولاهم، فتوهم سعة تلك الصفحة وحسن نورها ببهجتها وزهرتها، وقد وضعت الزرابي والنمارق على كثبان المسك، وعرف كل فتى (¬1) منهم ما أُعد له، والكراسي لأهل صفوته من عباده، وأحبائه من خلقه، لما دنوا إلى ما أعد لهم من المنابر والكراسي والزرابي والنمارق، فثنى رجله الحسنة من الركاب إلى منبر أو كرسي أو [زربية] (¬2) .
فتوهم تثنيهم أرجلهم إلى كراسيهم، حتى استووا عليها، فتوهم نعيم تلك الأفخاذ والأوراك المرتفعة على الكراسي بالدر والياقوت، فأعظم به من مقعد وأعظم بولي الله متربعاً.
فلما أخذ القوم مجالسهم، واطمأنوا في مقعدهم، والحجب تسطع نورها، فيا لذه أعينهم وقد أصغوا بمسامعهم منتظرين لاستماع الكلام من حبيبهم.
فتوهم في مقعدهم الصدق الذي وعدهم مولاهم ومليكهم في القرب منه على قدر (¬3) منازلهم، فهم في القرب منه على قدر (¬4) مراتبهم، فالمحبون له أقربهم إليه قرباً
¬_________
(¬1) هكذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في الأصل عنده [فتا] .
(¬2) هكذا الصواب، فالزّربيَّة الطِّنفسة وقيل البساط ذو الخمل وتُكسر زايها وتفتح وتضم وجمعها زرابي، أما في النسخة المطبوعة من (التوهم) فقال: الزريبة. وأظنه خطأ مطبعياً.
(¬3) قال (أ) : في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
(¬4) كسابقه.

الصفحة 72