كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)
معقولا باطل فإن كان ما خالفه حقا لزم أن يكون باطلا وإن كان هو الحق فما خالفه باطل قطعا وأخبر أنه آيات بينات وما يخالف صريح العقل لا يكون كذلك وأخبر أنه أحسن القصص وأحسن الحديث ولو خالف صريح العقل لكان موصوفا بضد ذلك وأخبر أنه أصدق الكلام فقال: {مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} [النساء122] {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} [النساء87] ولو خالف العقل لم يكن كذلك وكان كلام هؤلاء الضالين المضلين أصدق منه وأخبر أن القلوب تطمئن به أي تسكن إليه من قلق الجهل والريب والشك كما يطمئن القلب إلى الصدق ويرتاب بالكذب فقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد28] وجعل هذا من أعظم الآيات على صدقه وأنه حق من عنده ولهذا ذكره جوابا لقول الكفار {لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} فقال {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ} {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} أي بكتابه الذي أنزله وهو ذكره وكلامه ولو كان في العقل الصريح ما يخالفه لم تطمئن به قلوب العقلاء والعاقل اللبيب إذا تدبر القرآن وتدبر كلام هؤلاء المعارضين له تبين أن الريبة كلها في كلامهم والطمأنينة في كلام الله ورسوله وأخبر سبحانه أن