كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)
التوراة التي هو أكمل وأجل منها إمام للناس فقال تعالى: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً} [الأحقاف12] والإمام هو القدوة الذي يؤتم به وكيف يقتدي بكلام يخالف صريح العقل وسماه سبحانه فرقانا لأنه فرق بين الحق والباطل فلو خالف صريح العقل لم يكن فرقانا ولكان الفرقان كلام هؤلاء الضالين المضلين وأخبر أنه كتاب مبارك والمبارك الكثير البركة والخير والهدى والرحمة وهذا لا يكون فيما يرده العقل ويقضي بخلافه وأخبر أن الباطل لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه ولو كان العقل يخالفه لأتاه الباطل من كل جهة وأخبر أنه كتاب أحكمت آياته وأنه حكيم وأنه فصل وما يخالفه العقل لا يوصف بشيء من ذلك وأخبر أنه مهيمن على كل كتاب أي أمين عليه وحاكم وشاهد وقيم ولو خالفه العقل لكان مهيمنا عليه وكانت معقولات هؤلاء الضالين المضلين هي المهيمنة عليه ولم يكن هو المهيمن عليها وأخبر أنه لا عوج فيه وأنه قيم فقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّماً} [الكهف2 , 1] .