كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)
الوجه الثالث بعد المائة: أن الله سبحانه ذم المجادلين في آياته بالباطل في غير آية من كتابه فقال تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر35] .
وقال {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} [غافر56] .
وقال {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ لَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} إلى قوله {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [غافر76-69] .
وأنت إذا تأملت أقوال هؤلاء وسيرتهم رأيت هذه الآيات منطبقة عليهم وهم المرادون بها ومن أعظم الجدال في آيات الله جدال من يعارض النقل بالعقل ثم يقدمه عليه فإن جداله يتضمن أربع مقامات أحدها أنه تبين أن الأدلة النقلية من الكتاب والسنة لا تفيد علما ولا يقينا.