كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)
البتة فإن الفعل عندهم عين المفعول وهو غير قائم بالرب تعالى فلم يقم به عندهم فعل أصلا وسموه فاعلا من غير فعل يقوم به كما سموه مريدا من غير إرادة تقوم به وسموه متكلما من غير كلام يقوم به وسماه زعيمهم المستأخر عند الله وعند عباده عالما من غير علم يقوم به حيث قال العلم هو المعلوم كما قالوا الفعل هو المفعول.
ومن لوازمه أنه لا يسمع ولا يبصر ولا يرضى ولا يغضب ولا يحب ولا يبغض فإن ذلك من مقولة أن ينفعل وهذه المقولة لا تتعلق به وهي في حقه محال كما نفوا علوه على خلقه واستواءه على عرشه لكون ذلك من مقولة الأين وهي عليه محال ونفوا كلامه وحياته وقدرته ومشيئته وإرادته وسائر صفاته لأنها من مقولة العرض وهي ممتنعة عليه كما نفوا استوائه على عرشه لأنه من مقولة الوضع المستحيل ثبوتها له ولوازم قولهم أضعاف أضعاف ما ذكرناه وإنما أشرنا إلى بعضها إشارة يتفطن بها اللبيب لما وراءها وبالله التوفيق.
الوجه الثاني عشر بعد المائة: أن الرسول إذا لم يبين للناس أصول إيمانهم ولا عرفهم علما يهتدون به في أعظم أمور الدين وأصل مقاصد الدعوة النبوية وأجل ما خلق الخلق له وأفضل ما أدركوه