كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)
عارضه غيره فيكون مقام هذا مقام منع لا مقام معارضة فإما أن يمنع كون النبي عالما بما يقول أو كونه جازما معصوما فيه أو كونه جاء بذلك أو كونه أراد به خلاف ما دل العقل بزعمه عليه وإلا فمع إقراره بذلك تستحيل المعارضة أن ترجع حقيقتها إلى أن ما جاء به حق وأنه باطل وهذا جمع بين النقيضين فثبت أن هذه الطريقة طريقة ممانعة لا طريقة معارضة وأن دعوى المعارض تستلزم الجمع بين النقيضين فمن لم يعلم أن الرسول معصوم صادق فيما يخبر به كيف تمكنه المعارضة ومن لم يعلم أنه جاء بكذا لم تمكنه المعارضة ومن لم يعلم أنه أراده بكلامه لم تمكنه المعارضة ومن علم هذه الأمور الثلاثة وأقر بها لم يمكنه المعارضة فبطلت دعوى المعارضة على التقريرين وبالله التوفيق يوضحه
الوجه الخامس عشر بعد المائة: إن من عرف بطلان هذه المعقولات التي يعارض هؤلاء بها السمع امتنع عنده أن يحصل بها المعارضة لامتناع ثبوت المعارضة بين الحق والباطل ومن اعتقد صحتها فاعتقاد صحتها عنده ملزوم لبطلان السمع فيلزم من صحتها بطلانه وتمتنع المعارضة أيضا فالمعارضة ممتنعة على تقدير صحتها وفسادها.