كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)

الوجه السادس عشر بعد المائة: إن تجويز التعارض بين السمع والعقل والإيمان بالله ورسوله لا يمكن اجتماعها البتة فإن صحت المعارضة امتنع الإيمان وإن صح الإيمان امتنعت المعارضة فإن الإيمان مبناه على أن الرسول صادق فيما يخبر به عن الله معصوم في خبره وعلى أنه جاء بهذا الكتاب وعلى أنه أراد من الأمة أن يثبتوا حقائقه ويفهموه ويتدبروه ولا ينفوا حقائق ما أخبر به ويقروا بلفظه فلا يمكن وجود الأيمان بالرسول إلا بهذه الأصول الثلاثة فإذا جوزنا معارضة العقل الصريح لما جاء له لزم القدح والطعن فيها أو في بعضها والطعن في الأمرين الأولين مناقض للإيمان بالذات والطعن في الثالث يستلزم الطعن فيهما إذ غايته الاعتراف بأنه جاء بهذه الألفاظ ولم يجيء بحقائقها ومعانيها وهذا جحد لما أرسل به حقيقة فثبت أن الإيمان وهذه المعارضة لا يجتمعان أبدا يوضحه
الوجه السابع عشر بعد المائة: وهو أن يقال لهؤلاء المعارضين للوحي بآرائهم إما أن تردوا هذه النصوص وتكذبوها وإما أن تصدقوها وتقبلوها والأول إلحاد وكفر ظاهر وإن قبلتموها فإما أن تعتقدوا أن الرسول أراد حقائقها ومعانيها المفهومة منها أولا فإن اعتقدتم أنه اراد حقائقها فإما أن تعتقدوا ثبوت تلك

الصفحة 1162