كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)
الطريقتين باطلة أضعاف حقه وفيها من التناقض والاضطراب والفساد مالا يحصيه إلا رب العباد ولهذا تجد غاية من سلك الطريق الأولى الحيرة والشك وغاية من سلك الطريق الثانية الشطح فغاية أولئك عدم التصديق بالحق وغاية هؤلاء التصديق بالباطل وحال أولئك تشبه حال المغضوب عليهم وحال هؤلاء تشبه حال الضالين ونهاية أولئك التعطيل والنفي ونهاية هؤلاء الإلحاد والقول بالوحدة والاتحاد ولهذا لما وصل حذاقهم في طريقة النظر إلى آخرها ورأوا غوائلها وآفاتها ورأوها لا توصل إلى المطلوب الصحيح رجعوا إلى طريقة الوحي والآثار النبوية كما صرح به الرازي وابن أبي الحديد وأبو حامد وأبو المعالي وغيرهم واعترفوا في آخر الأمر أن الطرق كلها مسدودة إلا طريق الوحي والأثر.
الوجه التاسع عشر بعد المائة: أن يقال لمن جوز مجيء الرسول بما يخالف صريح العقل ما تقول إذا سمعت كلامه قبل أن تعلم هل في العقل ما يخالفه أم لا? هل تبادر إلى رده وإنكاره? أم إلى قبوله واعتقاده? أم تتوقف فيه ولا تصدقه ولا تكذبه ولا تقبله ولا ترده? أم تعلق تصديقه والإقرار به على الشرط وتقول أنا أعتقد موجبه إن لم يكن في العقل ما يرده? فلا بد لك من واحد من هذه الأمور الأربعة فالأول والثالث والرابع مناقض للإيمان بالرسول مناقضة صريحة والثاني