كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)

وموافقتهم في هذه الطريق فتجشموا أمرا ممتنعا واشتقوا طريقة لم يمكنهم الوفاء بها فجاءوا بطريقة بين النفي والإثبات لم يوافقوا فيها المعطلة النفاة ولم يسلكوا فيها مسلك أهل الإثبات فجاءت طريقا بين الطريقتين ومقالة بين المقالتين لم يكونوا فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء وظنوا أنهم بذلك يجمعون بين المعقول والمنقول ويصلون في هذه الطريق إلى تصديق الرسول وصار كثير من الناس يحب النظر والبحث والمعقول وهو مع ذلك يريد أن يخرج عما جاء به الرسول ويرى أن هذا المسلك أصح من مسلك أولئك النفاة وأنه لا طريق غير الطريقين وتلك لا سبيل إلى المصير إليها فتعين المصير إلى هذه الطريق ولما أصل هؤلاء هذا الأصل وجاءوا إلى تفصيله ظهر سر تاصيلهم في تفصيلهم ودل بطلان تفصيلهم على فساد تأصيلهم فإنهم أصلوا تأصيلا مستلزما لبطلان التفصيل ثم فصلوا تفصيلا دل على بطلان الأصل وفساده فصاروا حائرين بين التأصيل والتفصيل وصار من طرد منهم هذا الأصل خرج عن العقل والسمع بالكلية وبالغ في التعطيل والإلحاد ومن لم يطرده تناقض واضطربت أقواله وقد سلك الناس في إثبات الصانع وحدوث العالم طرقا متعددة سهلة قريبة موصلة إلى المقصود لم يتعرضوا فيها لطريقة هؤلاء بوجه وذموا هذه

الصفحة 1195