كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

والتقديس ولا من ذلك التجسيم والتشبيه والتمثيل فإذا وقعوا في هذا اللبس والتلبيس ترتب عليه ضرورة كتمان الحق والتكذيب به والتصديق بالباطل ولهذا جعل سبحانه كل اثنين من هذه الأربعة فريقين أما لأولان فقال تعالى: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة42] وقد اختلف في قوله {وَتَكْتُمُوا} هل هو منصوب أو مجزوم على قولين مبنيين على الواو هل هي واو عطف أو واو صرف فمن جعلها واو عطف قال النهي تعلق بكل واحد من الأمرين على انفراده ولو كانت واو صرف لكان المنهي عنه جمعهما لا أفرادهما ومن جعلها واو صرف قال لبس الحق بالباطل مستلزم لكتمانه كما يكتم الحق من لبسه بما يستره ويغشيه فهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر فالنهي عن أحدهما نهي عن الآخر بطريق اللزوم ففي كون الواو واو جمع إفادة هذا المعنى وإن كتمان الحق ملازم للبسه بالباطل لا ينفك عنه ولا يمكن إيقاع أحدهما إلا بالآخر وهذا شأن كل متلازمين وهذا القول أميز من الأول وأعرب وأما القرينان الآخران فقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [العنكبوت52] .

الصفحة 1214