كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

كل مكان فلزمهم أنه في بطن مريم والحشوش والأخلية وهذا خلاف الدين تعالى عن قولهم ثم قال ودليل آخر وهو قوله سبحانه {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى51] فقد خصت الآية البشر دون غيرهم ممن ليس هو من جنس البشر ولو كانت الآية عامة للبشر وغيرهم كان أبعد من الشبهة وإدخال الشك على من يسمع الآية أن يقول وما كان لأحد أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب فيرتفع الشك والحيرة من أن يقول ما كان لجنس من الأجناس أن يكمله الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ويترك أجناسا لم يعمهم بالآية فدل ما ذكرنا على أنه خص البشر دون غيرهم.
ومقصود الأشعري بهذا الكلام أنه على قول النفاة لا فرق بين البشر وغيرهم فإنه عندهم لا يحجب الله تعالى أحدا بحجاب منفصل عنه بل هو محتجب من جميع الخلق بمعنى أنه لا يمكن أحدا أن يراه فاحتجابه عن بعضهم دون بعض دليل على نقيض قولهم وذلك أن نفاة المباينة

الصفحة 1246