كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

وتعمقه في ذلك يذكر اتفاق سلف أهل السنة على ذم الكلام ويذكر أنه ليس فيه فائدة إلا الذب عن هذه العقائد الشرعية التي أخبر بها الرسول أمته وإذا لم يكن فيه فائدة إلا إلا الذب عن هذه العقائد امتنع أن يكون معارضا لها فضلا عن أن يكون مقدما عليها فامتنع أن يكون الكلام العقلي المقبول معارضا للكتاب والسنة وما كان معارضا لهما فهو من الكلام الباطل المردود المرذول الذي لا ينازع في ذمه أحد من أهل الإسلام لا من السلف ولا من أتباعهم من الخلف هذا مع أن السلف والأئمة يذمون ما كان من العقليات والجدل والكلام مبتدعا وإن قصد به نصر السنة فكيف ذمهم لمن عارض السنة بالبدعة والوحي بالرأي وجادل في آيات الله بالباطل ليدحض به الحق وهذا الذم من أبي حامد للكلام وأهله ذم متوسط بحسب ما اطلع عليه من غوائله وآفاته وبحسب ما بلغه من السلف ولم يكن جزمه بأقوال السلف وحقيقة ما جاء به الرسول كجزمه بما سلكه من طريق الكلام والفلسفة فلذلك لم يكن في كلامه من هذا الجانب من العلم والخبرة ما فيه من الجانب الذي هو به أخبر من غيره فإن ما ذكره من أن مضرته في إثارة الشبهات في العلم وإثارة التعصب في الإرادة إنما يقال إذا كان الكلام في نفسه حقا بأن تكون قضاياه ومقدماته صادقة بل معلوماته فإذا كان مع ذلك قد يورث النظر فيه شبها وعداوة قيل فيه ذلك.

الصفحة 1273