كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

الخالق على المخلوقات كلها وكونه فوق العالم أمر مستقر في فطر العباد معلوم بالضرورة كما اتفق عليه جميع الأمم من غير تواطؤ وتشاعر بخلاف النفي والتعطيل فإنه يتلقاه بعضهم عن بعض كسائر المقالات الباطلة المخالفة لصريح العقل والنقل.
فصل
ومما ينصرف إلى ذلك أن العباد كلهم مضطرون إلى دعاء الرب سبحانه وسؤاله وقصده والافتقار إليه كما قال الله تعالى {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن29] وهم مضطرون إلى توجيه قلوبهم إلى العلو كما أنهم مضطرون إلى دعائه وقصده وسؤاله كما أنهم يضطرون إلى الإقرار به وأنه ربهم وخالقهم ومليكهم ولا يجدون فرقا بين هذا الاضطرار وهذا فكما لا تتوجه قلوبهم غلى رب غيره ولا إلى إله سواه فكذلك لا يجدون في قلوبهم توجها إلى جهة أخرى غير العلو بل يجدون قلوبهم مضطرة إلى قصد جهة العلو دون سائر الجهات وهذا يتضمن اضطرارهم إلى قصده سبحانه في العلو وإقرارهم وإيمانهم بذلك.

الصفحة 1306