كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

فصل: يوضحه الطريق السادس (الوجه الثالث والخمسون بعد المائة) : أن يقال كل موجودين فإما أن يكون أحدهما قائما بنفسه أو قائما بالآخر فإن كان قائما بالآخر امتنع قيام الآخر به ضرورة وإن كان قائما بنفسه فحقيقته خارجة عن حقيقة الآخر ضرورة وإلا لزم اتحادهما وإذا كانت حقيقته خارجة عن حقيقة الآخر كان مباينا له بالضرورة وهذا برهان ضروري لا يقدح فيه إلا ما يقدح في سائر الضروريات.
فصل: الطريق السابع (الوجه الرابع والخمسون بعد المائة) : أن يقال الرب سبحانه إما أن يكون موجودا خارج الأذهان موجودا في الأعيان أو لا يكون له وجود خارجي فإن قلتم ليس له وجود خارجي وهو حقيقة قولكم كان خيالا ذهنيا لا حقيقة له وإن قلتم بل هو موجود خارج الذهن في الأعيان منفصلا عن الأذهان مباينا لها فقد أقررتم بأنه قابل للخروج والانفصال والمباينة فهلا جعلتم جملة العالم كالذهني وقلتم بأنه خارج عنه منفصل مباين له وكيف صح بل وجب أن يكون خارج الأذهان مباينا لها منفصلا عنها ولم يلزم من ذلك محال وامتنع أن يكون خارج العالم مباينا له ولزم من ذلك المحال فمن هاهنا قيل إنكم فارقتم حكم العقل والسمع وكان أتباع الرسل أسعد بالمعقول والمنقول منكم.

الصفحة 1311