كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

مطلقا لا ماهية له وإن قلتم بل له ذات مخصوصة وماهية متميزة عن سائر الماهيات قيل لكم ماهيته وذاته سبحانه غير متناهية بل ذاهبه في الأبعاد إلى غير نهاية أم متناهية فإن قلتم بالأول لزم منه محالات غير واحدة وإن قلتم بالثاني بطل قولكم ولزم إثبات المباينة والجهة وهذا لا محيد عنه وإن قلتم لا نقول له ماهية ولا ليست له ماهية قيل لا يليق بالعقول المخالفة لما جاءت به الرسل إلا هذا المحال والباطل وإن قلتم بل له ذات مخصوصة وماهية متميزة عن سائر الماهيات ولا نقول إنها متناهية ولا غير متناهية لأنها لا تقبل واحدا من الأمرين قلنا التناهي وعدم التناهي يتقابلان تقابل السلب والإيجاب فلا واسطة بينهما كما لا واسطة بين الوجود والعدم والقدم والحدوث والسبق والمقارنة والقيام بالنفس والقيام بالغير وتقدير قسم آخر لا يقبل واحدا من الأمرين تقدير ذهني يفرضه الذهن كما يفرض سائر المحالات ولا يدل ذلك على وجوده في الخارج ولا إمكانه ألا ترى أن قائلا لو قال التقسيم يقتضي المعلوم إما قديم وإما حادث وإما قديم حادث وإما لا قديم ولا حادث وكذلك إما أن يكون متناهيا أو غير متناه أو متناهيا ولا غير متناه أو قائما بنفسه أو بغيره أو بنفسه وبغيره أولا بنفسه ولا بغيره أو داخلا في العالم أو خارجا عنه أو داخلا خارجا أو لا داخلا ولا خارجا كان ذلك كله بمنزلة واحدة وكان التقسم تقسيما ذهنيا لا خارجيا وإن سلب النقيضين في ذلك كله في الإحالة كإثبات النقيضين.

الصفحة 1322