كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

من لوازم ذاته وهذه حقيقة قيوميته سبحانه وهو الحي القيوم فالقيوم القائم بنفسه المقيم لغيره فمن أنكر قيامه بنفسه بالمعنى المعقول فقد أنكر قيوميته وأثبت له قياما بالنفس يشاركه فيه العدم المحض بل جعل قيوميته أمرا عدميا لا وصفا ثبوتيا وهي عدم الحاجة إلى المحل ومعلوم أن العدم لا يحتاج إلى محل وأيضا فإنه يقال له ما تعني بعدم الحاجة إلى المحل تعني به الأمر المعقول من قيام الشيء بنفسه الذي يفارق به العرض القائم بغيره أم تعني به أمرا آخر فإن عنيت الأول فهو المعنى المعقول والدليل قائم والإلزام صحيح وإن عنيت به أمرا آخر فإما أن يكون وجوديا أو عدميا فإن كان عدميا فالعدم لا شيء كاسمه فتعود قيوميته تعالى إلى لا شيء وإن عنيت به أمرا وجوديا غير المعنى المعقول الذي يعقله الخاصة والعامة فلا بد من بيانه لينظر فيه هل يستلزم المباينة أم لا.
فصل: الطريق الثالث والعشرون (الوجه السبعون بعد المائة) : إن كل من أقر بوجود رب خالق للعالم مدبر له لزمه الإقرار بمباينته لخلقه وعلوه عليهم وكل من أنكر مباينته وعلوه لزمه إنكاره وتعطيله فهاتان دعوتان في جانب النفي والإثبات أما الدعوى الأولى فإنه إذا أقر بالرب فإما أن

الصفحة 1329