كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

الرؤية ووقوعها وقد ذكرنا في كتاب صفة الجنة أربعين دليلا على مسألة الرؤية من الكتاب والسنة والعقل الصريح شاهد بذلك فإن الرؤية أمر وجودي لا يتعلق إلا بموجود وما كان أكمل وجودا كان أحق بأن يرى فالباري سبحانه أحق بأن يرى من كل ما سواه لأن وجوده أكمل من وجود كل ما سواه يوضحه أن تعذر الرؤية إما لخفاء المرئي وإما لآفة وضعف في الرائي والرب سبحانه أظهر من كل موجود وإنما تعذرت رؤيته في الدنيا لضعف القوة الباصرة عن النظر إليه فإذا كان الرائي في دار البقاء كانت قوة الباصرة في غاية القوة لأنها دائمة فقويت على رؤيته تعالى وإذا جاز أن يرى سبحانه فالرؤية المعقولة عند جميع بني آدم عربهم وعجمهم وتركهم وسائر طوائفهم أن يكون المرئي مقابلا للرائي مواجها له مباينا عنه لا تعقل الأمم رؤية غير ذلك وإذا كانت الرؤية مستلزمة لمواجهة الرائي ومباينته للمرئي لزم ضرورة أن يكون مرئيا له من فوقه أو من تحته أو عن يمينه أو عن شماله أو خلفه أو أمامه وقد دل النقل الصريح على أنهم إنما يرونه سبحانه من فوقهم لا من تحتهم كما قال بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله

الصفحة 1332