كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

فإما أن يكون واجبا والقولان مخالفان للعقل فهذا تحكم باطل.
فهذه ثلاثون طريقا مضافة إلى الوجه السابع والأربعين بعد المائة في بيان عدم معارضة العقل للنقل وبيان موافقتهما وتطابقهما وحينئذ فنقول في
الوجه الثامن والسبعين بعد المائة: أن هؤلاء المعارضين للوحي بآرائهم وعقولهم تتضمن معارضتهم الفرية على الوحي والعقل واللغة والفطرة وإفسادها.
أما فريتهم على الوحي فإنهم متى اعتقدوا معارضة العقل له لزمهم أحد أمرين باطلين إما أن يقولوا إن الرسل أرادوا من الناس اعتقاد الباطل وخلاف الصواب أو أنهم أتعبوهم غاية التعب وكلفوهم أعظم الحرج وهو اعتقاد خلاف ما دلت عليه النصوص ومعرفة الحق بعقولهم وفطرهم والاجتهاد في صرف ألفاظ الوحي عن حقائقها وظواهرها المفهومة منها وبيان ذلك أنهم إما أن يريدوا منهم اعتقاد الظاهر أو يريدوا منهم خلافه فإن أرادوا الأول وهو باطل عند النفاة فقد أرادوا منهم اعتقاد الباطل وإن أرادوا الثاني لزمت تلك المفاسد العظيمة وعلى التقديرين فلا يكونون قد بينوا الحق ولا هدوا الخلق.

الصفحة 1340