كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

سائر الطوائف فقبل قولهم على الناس ولا يقبل قول الناس عليهم والخارج عن هؤلاء وإن خفقت بنوده وكثرت جموعه وسعى حتى ضرب له الدرهم والدينار وخطب باسمه على رؤوس المنابر لا تكون أموره إلا على المغالطة والمجالسة لأنه كالخارج على الملك الذي دانت له الرعايا ونفذ حكمه في البلاد فالخارج عليه لا يزال خائفا مستوحشا يخشى من أن يقابله الملك بقتال أو يصافه بحرب لأن في نفس الخارجي بقية من الحماس الباطل والملك وإن قلت جموعه فعنده صولة الحق وهيبة الملك ولذلك الغريب المداوي للناس بزعمه مع الطبيب المقيم هذا مجتاز يطلب من الأدوية ما يسكن الألم في الحال ويضع على الأمراض الأدوية الحارة العاملة بسرعة فيأخذ الخلعة والعطية لسكون الألم وإزالة المرض ويصبح على أرض أخرى ومنزل بعيد فطبه مجازفة لأنه يأمن المعاتبة والمواقعة والأطباء المقيمون يلامون على تطويل العلاج وإنما سلكوا الملاطفة بالأدوية المركبة دون الحارة لأن الحارة من الأدوية وإن عجلت سكون الآلام فإنها غير مأمونة الغوائل ولا سليمة العواقب لأن ما يعطي الأدوية الحارة من السكون إنما هو لغلبة المرض وحينما غلبت الأمراض أوهشت قوى المحل الذي حلت به فهو كما قيل الدواء للبدن كالصابون

الصفحة 1344