كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

العقل كافيا وإنما يكون كافيا لمن قدمه على كل معقول ورأي وقياس وذوق وحقيقة وسياسة فهذا الكتاب في حقه كاف له كما أنه إنما يكون رحمة وذكرى له دون غيره وأما من أعرض عنه أو عارضه بآراء الرجال فليس بكاف له ولا هو في حقه هدى ولا رحمة بل هو من الذين آمنو بالباطل وكفروا بالله يوضحه
الوجه الثالث والثمانون بعد المائة: أن هؤلاء الذين لم يكتفوا بكتابه حتى سلكوا بزعمهم طريقة العقل وعارضوه به وقدموه عليه من جنس الذين لم يكتفوا به سبحانه إلها حتى جعلوا له أندادا يعبدونهم كما يعبدون الله بل أولئك لم يقدموا أندادهم على الله فهؤلاء جعلوا لله ندا يطيعونه ويعظمونه ويعبدونه كما يعظمون الله ويعبدونه وهؤلاء جعلوا لكتابه ندا يتحاكمون إليه ويقبلون حكمه ويقدمونه على حكم كتابه بل الأمران متلازمان فمن لم يكتف بكتابه لم يكتف به فمتى جعل لكتابه ندا فقد جعل له ندا لا يكون غير ذلك البتة. فلا ترى من عارض الوحي برأيه وجعله ندا له إلا مشركا بالله قد اتخذ من دون الله أندادا ولهذا كان مرض التعطيل ومرض الشرك أخوين متصاحبين لا ينفك أحدهما عن صاحبه فإن المعطل قد جعل آراء الرجال وعقولهم ندا لكتاب الله والمشرك قد جعل ما يعبده من الأوثان ندا له ومما يبين تلازم التعطيل والشرك أن القلوب

الصفحة 1353