كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

الوجه الخامس والثمانون بعد المائة: إن هذا نسبة له إلى كونه كذبا في نفسه فإنه إذا خالف صريح العقل لم يكن مطابقا لمخبره فيكون المتكلم به قد أخبر بخبر لم يطابق مخبره وهذا حقيقة الكذب بل هو من أقبح الكذب فإن الكذب نوعان أحدهما: كذب يجوز أن يكون متعلقه واقعا كمن يقول مات فلان أو تزوج أو ولد له ولم يكن ذلك والثاني: كذب لا يجوز أن يقع متعلقه وهو ما يحيله العقل وهذا أقبح نوعي الكذب فكيف يجوز على أصدق الكلام وأهداه وأفضله أن يكون فيه أقبح نوعي الكذب
الوجه السادس والثمانون بعد المائة: إن من ادعى معارضة العقل لما جاءت به الرسل من صفاته وأفعاله وحقائق أسمائه لم يقدره حق قدره وقد ذم الله تعالى من لم يقدره حق قدره في ثلاثة مواضع من كتابه: أحدها قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام91]
الثاني: قوله {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ

الصفحة 1358