كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

أعظم من كل ماهية ونحو ذلك من المعاني المعقولة فذلك أمر وجودي محقق وإذا أضيف ذلك إلى الرب كان بحسب ما يليق به ولا يشركه فيه المخلوق كما أنه إذا أضيف إلى المخلوق كان بحسب ما يليق به ولا يشركه فيه الخالق فهو في حق الخالق تعالى قدر يليق بعظمته وجلاله وفي حق المخلوق قدر يناسبه كما قال تعالى {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق3] فما من مخلوق إلا وقد جعل الله له قدرا يخصه والقدر يكون علميا ويكون عينيا فالأول هو التقدير العلمي وهو تقدير الشيء في العلم واللفظ والكتاب كما يقدر العبد في نفسه ما يريد أن يقوله ويكتبه ويفعله فيجعل له قدرا ومن هذا تقدير الله سبحانه لمقادير الخلائق في علمه وكتابه قبل تكوينها ثم كونها على ذلك القدر الذي علمه وكتبه.
فالقدر الإلهي نوعان:
أحدهما: في العلم والكتابة
والثاني: خلقها وبرأها وتصويرها بقدرته التي بها يخلق الأشياء والخلق يتضمن الإبداع والتقدير جميعا والمقصود أن كل موجد فله قدر والعباد لا يقدرون الخالق قدره والكفار منهم لا يقدرونه حق قدره ولهذا لم يذكر ذلك سبحانه إلا في حقهم قال تعالى:

الصفحة 1361