كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

بالسلوب فقط من الجهمية والفلاسفة لم يعرفوه من الوجه الذي عرفته به الرسل وعرفوه إلى الخلق وهو الوجه الذي يحمده به ويثني عليه ويمجد وتعرف به عظمته وجلاله وإنما عرفوه من الوجه الذي يقودهم إلى تعطيل العلم والمعرفة والإيمان به بعدم اعتقادهم الحق واعتقادهم خلاف الحق وحقيقة أمرهم أنهم لم يثبتوا لله عظمة إلا ما تخيلوه في نفوسهم من السلوب والنفي الذي لا عظمة فيه ولا مدح فضلا عن أن يكون كمالا بل ما أثبتوه مستلزم لنفي ذاته رأسا.
وأما الصفاتية الذين يؤمنون ببعض ويجحدون بعضا فإذا أثبتوا علما وقدرة وإرادة وغيرها تضمن ذلك إثبات ذات تقوم بها هذه الصفات وتتميز بحقيقتها وماهيتها سواء سموه قدرا أو لم يسموه فإن لم يثبتوا ذاتا متميزة بحقيقتها وماهيتها كانوا قد أثبتوا صفات بلا ذات كما أثبت إخوانهم ذاتا بلا صفات وأثبتوا أسماء بلا معان ولا حقائق وذلك كله مخالفة لصريح المعقول وهم يدعون أنهم أرباب عقليات فلا بد من إثبات ذات محققة لها الأسماء الحسنى التي لا تكون حسنى إلا إذا كانت دالة على صفات كمال وإلا فالأسماء فارغة لا معنى لها

الصفحة 1370