كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

إلى الأكل والشرب واللباس ولما أحوجه إليه فلم جعله يبول ويتغوط ويتمخط ولم جعله يمرض ويهرم ويموت فإن هذه الأمور من لوازم النشأة الإنسانية التي لو قدر ارتفاعها لارتفعت هذه النشأة فهذه الطائفة رفعت القواعد من أصلها وأبطلت آدم وإبليس والملائكة وردت الأمر إلى مجرد قوى نفسانية وأمور معنوية.
وقالت الجبرية ومنكرو الحكم والتعليل: هذه الأسئلة إنما ترد على من يفعل لعلة أو لغرض أو لغاية فأما من لا علة لفعله ولا غاية ولا غرض بل يفعل ما يفعله بلا سبب ولا غاية وإنما مصدر مفعولاته محض مشيئة وغايتها مطابقتها لعلمه وإرادته فجاء فعله على وفق إرادته وعلمه وعلى هذا فهذه الأسئلة فاسدة كلها إذ مبناها على أصل واحد وهو تعليل أفعال من لا تعلل أفعاله ولا يوصف بحسن ولا قبح عقليين بل الحسن ما فعله وما فعله فكله حسن لا يسأل عما يفعل وهم يسألون قالوا والقبح والظلم هو تصرف الإنسان في ملك غيره بغير إذنه فأما تصرف المالك الحق في ملكه من غير أن يكون تحت حجر حاجر أو أمر آمر أو نهي ناه فإنه لا يكون ظلما ولا قبيحا فرفع هؤلاء الأسئلة من أصلها وسدوا على أنفسهم طريق استماعها والجواب عنها والتزموا لوازم هذا الأصل من إبطال الحكم والتعليل والأسباب والتحسين والتقبيح

الصفحة 1547