كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

فهو شريكه من هذا الوجه فلا يتمكن من الرد التام عليه ولهذا لما شاركه زنادقة الفلاسفة والمنجمين والطبائعيين في هذا الأصل أنكروا وجوده ووجود آدم والملائكة فضلا عن قصة أمره بالسجود وإبائه وما ترتب عليها.
ولما أنكرت الجبرية الحكمة والتعليل والأسباب وأبطلت هذا الأصل بعقولها وآرائها عجزوا عن جواب أسئلته وسدوا على نفوسهم باب استماعها والجواب عنها وفتحوا باب مكابرة العقول الصريحة وإنكار تحسين العقل وتقبيحه وإنكار الأسباب والقوى والطبائع والحكم والغايات المحمودة التي لأجلها يفعل الرب ما يفعله ويأمر بما يأمر به وجوزوا عليه أن يفعل كل شيء وأن يأمر بجميع ما نهى عنه وينهى عن كل ما أمر به ولا فرق عنده البتة بين المأمور والمحظور والكل سواء في نفس الأمر ولكن هذا صار حسنا بأمره لا أنه في نفسه وذاته حسن وهذا صار قبيحا بنهيه لا أنه في نفسه وذاته قبيح.
ولما أصلت القدرية إنكار عموم قدرة الله سبحانه ومشيئته لجميع الكائنات وأخرجت أفعال عباده خيرها وشرها عن قدرته ومشيئته وخلقه وأثبتت لله سبحانه شريعة بعقولهم حكمة عليه بها واستحسنت منه ما استحسنته من أنفسها واستقبحت منه ما استقبحته من نفوسها

الصفحة 1550