كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

والاعتراف مبطلا لجميع أسئلتك متضمنا للجواب عنها قبل ذكرها وذلك أنك قلت {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر39] وقلت {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف12] وقلت {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص82 , 83] فاعترفت بأنه ربك وخالقك ومالكك وأنك مخلوق له مربوب تحت أوامره ونواهيه إنما شأنك أن تتصرف في نفسك تصرف العبد المأمور المنهي المستعد لأوامر سيده ونواهيه وهذه هي الغاية التي خلقت لها وهي غاية الخلق وكمال سعادتهم وصلاحهم وهذا الاعتراف منك بربوبيته وقدرته وعزته يتضمن إقرارك بكمال علمه وحكمته وغناه وأنه في كل ما أمر به عليم حكيم لم يأمر عبده لحاجة منه إلى أمره به ولم ينهه بخلا عليه بما نهاه عنه بل أمره رحمة منه به وإحسانا إليه بما فيه صلاحه في معاشه ومعاده وما لا صلاح له إلا به ونهاه عما في ارتكابه فساده في معاشه ومعاده فكانت نعمته عليه بأمره ونهيه أعظم من نعمته عليه بمأكله ومشربه ولباسه وصحة بدنه بما لا نسبة بينهما كما قال سبحانه في آخر قصتك مع الأبوين {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ

الصفحة 1552