كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

وقدرته وملكه وربوبيته وحينئذ فتسليمك هذه الحكمة التي لا سبيل للمخلوقين لمشاركة الخالق فيها البتة قد عادت على أسئلتك الفاسدة بالنقض والإبطال.
وإن رجعت عن الإقرار له سبحانه بالحكمة وقلت إنه لا يفعل لحكمة البتة بل لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فما وجه إيراد هذه الأسئلة على من لم يفعل بحكمة ولا يسأل عما يفعل فقد أوردت الأسئلة على من لا يسأل عما يفعل وطعنت في حكمة من كل أفعاله حكمة ومصلحة وعدل وخير بمعقولك الفاسد وعقلك الصغير الذي آثرت به داعي الكبر والكفر على داعي العبودية والإيمان يوضحه.
الوجه الرابع: وهو أنك قد كشفت للخلائق عن محصول علمك ومعرفتك وقدر عقلك الذي صرت به ضحكة لهم وسخرية على ألسنتهم فإنك انتصرت لنفسك ورياستك ودلك عقلك على أن عزك في معصيتك ورياستك في إبائك من السجود وكان هذا أعظم أسباب ذلك وخيبتك ويأسك من روح الله وبعدك من رحمته وطردك من جنته ومبائتك بلغنته فأضعت عزك وأخملت شرفك ووضعت قدرك من حيث زعمت أنك تحفظه فكنت كآكل السم الذي فيه تلفه ليحفظ به قوته وصحته ثم رضيت لنفسك أن صرت خادما وقوادا لكل فاسق وفاجر وخبيث فمن هذا قدر

الصفحة 1555