كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

عقله ونهاية معرفته وعلمه ألا يستحي من إيراد هذه الأسئلة اللائقة به على من ملأت حكمته الوجود وبهرت العقول حتى صارت للبصائر أظهر من نور الشمس للأبصار يوضحه
الوجه الخامس: إن غاية معقولك وحاصل عقلك هو القياس الذي عارضت به النص وقدمته عليه وقد بان فساده للعقلاء من أكثر من ثلاثين وجها قد تقدم ذكرها فلا حاجة إلى إعادتها فإذا كان هذا شأن أقوى أسئلتك التي أوردتها على ربك وسائر أسئلتك مبنية عليه ومردودة إليه فما الظن بفروع هذا أصلها فمن نادى على مقدار عقله ومحصول معرفته على رؤوس الملأ من الملائكة بقوله {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف12] واستجاز معارضة الأمر المتضمن لغاية الحكمة والمصلحة بهذا الرأي الفاسد والسفه البارد كيف يتوجه له سؤال على الحكيم العليم.
الوجه السادس: أن هذه الأسئلة يرجع حاصلها كلها إلى القدح والطعن في علم الرب سبحانه أو حكمته أو قدرته أو اثنين منها أو كلها إذ حاصلها أنه سبحانه إما أن يكون عالما بما يحصل مني وما يكون من أمري أو لا يكون عالما فإن لم يكن عالما لزم القدح في علمه وإن كان عالما فإما أن يكون قادرا على

الصفحة 1556