كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

أوجب عليه هذا الإقرار الانقياد والعبودية والإيمان بموسى فلم يجد بدا من إنكار الرب وعدم الإقرار به وهكذا هذه الأسئلة لا تتوجه إلا مع إنكاره سبحانه وجحوده وإلا فمع الإقرار بأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه أحكم الحاكمين فلا تتوجه البتة وهذا حقيقة الرب وحينئذ فنقول في
الوجه السابع: إن مثل هذا النمط من الاعتراضات والأسئلة فاسد عند جميع أهل الأرض فإنه يتضمن اعتراض الجاهل على أحذق الناس بصناعة قد أحكم آلاتها وأسبابها وقدرها على أكمل الوجوه وأحسنها وأوفقها لما يقصد منها فجاء رجل جاهل لا مناسبة بينه وبين ذلك الحاذق بوجه ما فأخذ يعترض عليه في أجزاء تلك الصناعة وآلاتها وأشكالها ومقاديرها ويقول هلا كان هذا أكبر مما هو أو أصغر أو على شكل آخر أو كان كذا في موضع كذا أو عمل هذا في وقت كذا ونحو هذا مما يسخر منه العقلاء ويعدون صاحبه في زمرة السفهاء مع أنه يمكن المعترض مشاركة ذلك الأستاذ الحاذق في صناعته ومساواته فيها وتقدمه عليها فيها فإذا كان اعتراضه عليه مدفوعا عند كل عاقل فما الظن بالاعتراض على من لا شريك له في حكمته ولا شبيه له فيها والتفاوت

الصفحة 1558