كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

الذي بينه وبين المعترض في حكمته كالتفاوت الذي بينه وبينه في العلم والقدرة والغنى وسائر الصفات أفلا يستحي من يرى الاعتراض على مخلوق مثله قد فاقه في صناعة وعلم قبيحا لا يجد عليه إلا تعريضه نفسه للذم ومبادلته عليها بالجهل من إيراد مثل هذه الأسئلة على الحكيم العليم.
الوجه الثامن: أن يقال لعدو الله إيرادك هذه الأسئلة إما أن تكون على وجه الظن في الرب تعالى وأنه فعل مالا ينبغي له فعله أو على وجه الاسترشاد وطلب الهداية فإن كان على وجه الطعن والقدح فكيف تجامع اعترافك بربوبيته ومكله وخلقه وإقرارك بعزته وحكمته ثم تقدح فيه وإن كان على وجه الاسترشاد وطلب الحكمة فذلك فرع عن التسليم لأمره والإذعان لعبوديته والانقياد لحكمته فلا يجتمع مع تصريحك بالعداوة والكفر والاستكبار عن طاعته فإن معصيتك له وقد أمرك منه إليك بلا واسطة أعظم من استكبار من استكبر عن طاعته التي أمر بها على ألسنة رسله فإذا آثرت الكفر والاستكبار والعداوة فكيف سألت مسائل المسترشد المهتدي فالسؤال نوعان إما سؤال جاهل بالحكمة في طلب معرفتها وإما سؤال قادح في الحكمة بما يبطلها وينقضها وحينئذ فنقول في

الصفحة 1559