كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

الوجه التاسع: لا تتوجه هذه الأسئلة على واحدة من الطريقتين إما على الطريقة الأولى فلأن الاستعداد والقبول لمعرفة تفاصيل الحكمة يكون شرطا في قبول الأسئلة والجواب عنها والقوى البشرية ليست مستعدة للعلم بتفاصيل حكمة الله في خلقه وأمره وحينئذ فيكون بيان تفاصيل الحكم عبثا ضائعا وهو مناف للحكمة وإما على الطريقة الثانية فلأن أسئلته تتضمن قدح العبد في الرب والمخلوق في الخالق والجاهل في العالم والسفيه في الحكيم فهي من أبطل الأسئلة ولا يحتاج في بيان بطلانها إلى أكثر من ذلك يوضحه.
الوجه العاشر: إن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع ولهذا لم يحك الله سبحانه عن أمة نبي صدقت نبيها وآمنت بما جاء به أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما أمرها به ونهاها عنه وبلغها عن ربها ولو فعلت ذلك لما كانت مؤمنة بنبيها بل انقادت وسلمت وأذعنت وما عرفت من الحكمة عرفته وما خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وإيمانها واستسلامها على معرفته ولا جعلت طلبه من شأنها وكان رسولها أعظم في صدورها من سؤالها عن

الصفحة 1560