كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

جاءت لا يعللها بعلل توهنها وتخدش في وجه حسنها فضلا عن أن يعارضها بعلل تقتضي خلافها فهذا حال ورثة إبليس والتسليم والانقياد والقبول حال ورثة الأنبياء.
الوجه الحادي عشر: إن المعترضين على الرب سبحانه قسمان قسم اعترضوا عليه في أمره ونهيه وقسم اعترضوا عليه في قضائه وقدره وربما اجتمع النوعان في حق المعترض وقد ينفرد أحدهما وإبليس ممن جمع النعين فاعترض أولا عليه في أمره له بالسجود لآدم وزعم أنه مخالف للحكمة وأن الحكمة إنما تقتضي خضوع المفضول للفاضل لا ضد ذلك وزعم أنه أفضل وخير من آدم ثم اعترض بعد ذلك على القضاء والقدر بهذه الأسولة فجمع بين الاعتراض على أمره وقدره وبث هذين النوعين في أصحابه وتلامذته وأخرجها لهم في كل قالب وصورة يقبلونها فيها وآخر ذلك أوحى إليهم أن يعترضوا على خيره عن نفسه وخبر رسله عنه بالعقل فعارض عدو الله أمره بأنه خلاف الحكمة وقدره بأنه خلاف العدل وخبره بأنه خلاف العقل وسرت هذه المعارضات الثلاث في أتباعه فهم خلفاؤه ونوابه فهم على قدر أنصابهم منها ومعلوم أن هذه الأنواع الثلاثة مضادة له ومجاهرة بالعداوة ومن التلبيس إخراج المعترض لها في صورة العلم والحب والمعرفة

الصفحة 1562