كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

لتمسك الأبصار ولا تنكأ فيها بطول مباشرتها لها ومن هذا استنبط الأطباء لمن أصابه سوء في بصره إدمان النظر إلى الخضرة وإذا فكرت في طلوع الشمس وغروبها لإقامة دولتي الليل والنهار ولولا طلوعها لبطل أمر هذا العالم فكم في طلوعها من الحكم والمصالح وكيف كان حال الحيوان لو أمسكت عنهم وجعل الليل عليهم سرمدا والدنيا مظلمة عليهم فبأي نور كانوا يتصرفون وينقلبون وكيف كانت تنضج ثمارهم وتكمل أقواتهم وتعتدل صورهم وأبدانهم فالحكم في طلوعها أعظم من أن تخفى أو تحصى ولكن تأمل الحكمة في غروبها فلولا غروبها لم يكن للحيوان هدوء ولا قرار مع شدة حاجتهم إلى الهدوء لراحة أبدانهم وإجمام حواسهم وأيضا لو دامت على الأرض لاشتد حموها بدوام طلوعها عليها فأحرق كل ما عليها من حيوان ونبات فاقتضت حكمة الخلاق العليم والعزيز الحكيم أن جعلها تطلع عليهم في وقت وتغيب في وقت بمنزلة سراج يرفع لأهل الدار مليا ليقضوا مآربهم ثم يغيب عنهم مثل ذلك ليقروا ويهدوا وصار ضياء النهار وحرارته وظلام الليل وبرده على تضادهما وما فيهما متظاهرين متعاونين على

الصفحة 1569