كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 4)

الحكمة المقصودة منها وجعل القمر على حالة تقبل الزيادة والنقصان لئلا تتعطل الحكمة المقصودة من جعله كذلك وكان في نوره من التبريد والتصليب ما يقابل ما في ضوء الشمس من التسخين والتحليل فتنتظم المصلحة وتتم الحكمة من هذا التسخين والتبريد وتأمل اللفظ والحكمة الإلهية في جعل الكواكب السيارة ومنازلها تظهر في بعض السنين وتحتجب في بعضها لأنها لو ظهرت دائما أو احتجبت دائما لذابت الحكمة المطلوبة منها وكما اقتضت الحكمة أن يظهر بعضها ويحتجب بعضها فلا تظهر كلها دفعة واحدة ولا تحتجب دفعة واحدة بل ينوب ظاهرها عن خفيها في الدلالة وجعل بعضها ظاهرا لا يحتجب أصلا بمنزلة الأعلام المنصوبة التي يهتدي بها الناس في الطرق المجهولة في البر والبحر فهم ينظرون إليها متى أرادوا ويهتدون بها حيث شاءوا فجاء الأمران على وفق الحكمة ثم تأمل حال النجوم واختلاف مسيرها ففرقة منها لا تريم مراكزها من الفلك ولا تسير إلا مجتمعة كالجيش الواحد وفرقة منها مطلقة تنتقل في البروج وتفترق في مسيرها فكل واحد منها يسير سيرين مختلفين أحدهما عام مع الفلك نحو الغرب والآخر خاص لنفسه نحو الشرق فله حركتان مختلفتان على وفق الحكمة وذلك من أعظم الدلالة على

الصفحة 1573