كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)

الوجه الخامس: أن يقال العقل إما أن يكون عالما يصدق الرسول وثبوت ما أخبر به في نفس الأمر وإما أن لا يكون عالما بذلك وإن لم يكن عالما امتنع التعارض عنه لأن المعقول إن كان معلوما له لم يتعارض معلوم ومجهول وإن لم يكن معلوما لم يتعارض مجهولان وإن كان عالما بصدق الرسول امتنع أن لا يعلم ثبوت ما أخبر به في نفس الأمر إذا علم أنه أخبر به وهو عالم بصدقه لزم ضرورة أن يكون عالما بثبوت مخبره وإن كان كذلك استحال أن يقع عنده دليل يعارض ما أخبر به ويكون ذلك المعارض واجب التقديم.
إذ مضمون ذلك أن يقال لا تعتقد ثبوت ما علمت أنه أخبر به لأن هذا الاعتقاد ينافي ما علمت به أن المخبر صادق وحقيقة ذلك لا تصدقه في هذا الخبر لأن تصديقه يستلزم عدم تصديقه فيقول وعدم تصديقي له فيه هو عين اللازم المحذور.
فإذا قيل لي لا تصدقه لئلا يلزم عدم تصديقه كان كما لو قيل كذبه لئلا يلزم تكذيبه فهكذا حال من أمر الناس أن لا يصدقوا الرسول فيما علموا أنه أخبر به بعد علمهم أنه رسول لئلا يفضي تصديقهم إلى عدم تصديقه يوضحه

الصفحة 802