كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)
الوجه العاشر: إن العقل مع الوحي كالعامي المقلد مع المفتي العالم بل ودون ذلك بمراتب كثيرة لا تحصى فإن المقلد يمكنه أن يصير عالما ولا يمكن للعالم أن يصير نبيا رسولا فإذا عرف المقلد عالما فدل عليه مقلدا آخر ثم اختلف المفتي والدال فإن المستفتي يجب عليه قبول قول المفتي دون المقلد الذي دله وعرفه بالمفتي.
فلوا قال له الدال الصواب معي دون المفتي لأني أنا الأصل في علمك بأنه مفت فإذا قدمت قوله على قولي قدحت في الأصل الذي به عرفت أنه مفت فلزم القدح في فرعه فيقول له المستفتي أنت لما شهدت بأنه مفت ودللت على ذلك شهدت بوجوب تقليده دون تقليدك كما شهد به دليلك وموافقتي لك في هذا العلم المعين لا تستلزم موافقتك في كل مسألة وخطؤك فيما خالفت فيه المفتي الذي هو أعلم منك لا يستلزم خطأك في علمك بأنه مفت وأنت إذا علمت أنه مفت باجتهاد واستدلال ثم خالفته باجتهاد واستدلال كنت مخطئا الاجتهاد
الصفحة 808
1721