كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)
مع علمه بأنه يخطىء كثيرا وأن كثيرا من الناس لا يشفى بما يصفه الطبيب بل يكون استعماله لما يصفه سببا من أسباب هلاكه وأن أسباب الموت أغلاط الأطباء فكم لهم من قتيل أسكنوه المقابر بغلطهم وخطئهم وإن كان خطأ الطبيب إصابة المقادير وكيف لا يسلك هذا المسلك مع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وهم الصادقون المصدقون ولا يجوز أن يكون خبرهم على خلاف ما أخبروا به والذين عارضوا أقوالهم بعقولهم عندهم من الجهل والضلال المركب والبسيط ما لا يحصيه إلإ من هو بكل شيء محيط.
الوجه السادس عشر: أن يقال تقديم العقول على الأدلة الشرعية ممتنع متناقض وأما تقديم الأدلة الشرعية فهو ممكن مؤتلف فوجب الثاني وامتنع الأول بيانه أن يكون الشيء معلوما بالعقل أو غير معلوم بالعقل ليس هو صفة لازمة لشيء من الأشياء بل هو من الأمور النسبية الإضافية فإن زيدا قد يعلم بعقله مالا يعلمه بكر بعقله وقد يعلم الأنسان في حال تعقله ما يجهله في وقت آخر والمسائل التي يقال قد تعارض فيها العقل والشرع جميعا قد اضطرب فيها أرباب العقل ولم يتفقوا فيها على أمر واحد بل كل منهم يقول إن العقل أثبت أو أوجب أو سوغ ما يقول الآخر أن العقل نفاه
الصفحة 823
1721