كتاب الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (اسم الجزء: 3)

فأمر المؤمنين عند التنازع بالرد إلى كتابه وسنة رسوله وهذا نص في تقديم السمع. قال هؤلاء بل الواجب الرد إلى العقل ورد السمع إن عارضه ولو رد الناس الأمر عند النزاع إلى عقول الرجال وآرائهم ومقاييسهم لم يزدهم هذا الرد إلا اختلافا واضطرابا وشكا وارتيابا فلا يمكن الحكم بين الناس في موارد النزاع والاختلاف على الإطلاق إلا بكتاب منزل من السماء يرجع الجميع إلى حكمه وإلا فكل واحد من أرباب المعقولات يقول عقلي أولى بالثقة به من عقل منازعي وهذا يدلي بمعقول وهذا يدلي بمعقول.
الوجه السابع عشر: إن الله سبحانه قد تمم الدين بنبيه وأكمله به ولم يحوجه ولا أمته بعده إلى عقل ولا نقل سواه ولا رأي ولا منام ولا كشوف قال تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة3] وأنكر على من لم يكتف بالوحي عن غيره فقال {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت51]

الصفحة 826